الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم...
لقد أهداني أحد الشيوخ الفضلاء قصة تائب وأود عرضها لكم
للعظة والعبرة والفائدة:
يقول أحد التائبين: "أنا شاب أبلغ من العمر 38 سنة، متزوج ولي بنت
وثلاثة أولاد، ولي ابن يدعى (م) أصابه مرض الحمى الشوكية المخية
منذ صغره مما جعله أصم أبكم .
المهم .. أنني كنت لا أعرف الله .. أصلي مجاملة ..
كل شيء حرمه الله أنا فاعله!!
كنت – والعياذ بالله – عاص في كل شيء، ولا أستطيع أن أذكر الآن
المحرمات التي فعلتها لأنني تبت إلى الله سبحانه وتعالى توبة نصوحاً،
وعسى الله أن يتقبلها مني.
وعندما كبر ابني (م) الأصم الأبكم، وأصبح عمره حوالي (8) سنوات..
كان يلازمني دائماً في السهر وفي الخروج إلى أي مكان .. كان معي لا
يفارقني، وكنت أفهم كلامه بالإشارات، وهو كذلك يفهم كلامي بالإشارات.
وكنت لاهيا عن ذكر الله سبحانه وتعالى، وفي يوم من الأيام كان ابني معي
في المنزل، وقبيل المغرب حصلت المعجزة وكان لا يوجد بالمنزل أحد إلا
أنا وابني (م) .. فنظر لي نظرة، وقال لي بالإشارة انتظر لحظة .. ثم ذهب
إلى مصلى أمه وأحضر القران الكريم ووضعه أمام عيني ..
ثم ذهب وتوضأ وقال لي توضأ، فنفذت أمره، وفتح المصحف الشريف
وقلب الأوراق ووضع أصبعه على هذه الآية الكريمة ) يا أبت إني أخاف
أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيـطان وليا (.
فبكى ابني (م) .. ثم بكيت، وبعدها أذن المؤذن لصلاة المغرب فصـلينا في
المنزل .. ثم أخذ ينظر إليّ وعيناه مليئتان بالدمع وأنا كذلك .. ثم شدني من
يدي وأخذني إلى النافذة وقال لي انظر إلى الأعلى .. إلى السماء وكأنه
بالفعل يقول تب إلى الله يا والدي .. إلى متى وأنت لاهٍ حتى متى وأنت في
الغفلة .. أما آن لك أن تتوب؟
ثم أخذنا نبكي سويا، ووالله العظيم خفت خوفا شديداً، وأخذ قلبي يدق دقات
سـريعة .. ثم أشعلت أنوار المنزل كاملا ..
فقال لي: لا تريد الذهاب إلى الحرم؟
فقلت له: سوف نصلي في المسجد القريب من منزلي.
فرفض إلا في الحرم ..
فذهبنا إلى المسجد النبوي الشريف، ووقفنا في الروضة الشريفة -
وكنت لا أدخل المسجد إلا نادرا جداً - فأذن المؤذن لصلاة العشاء،
وصلى الإمام وقرأ في الركعة الأولى من سورة النحل : ( أفأمن الذين
مكروا السيئات أن يخسف الله بهـم الأرض ) .. فلما سمعت هذه الآية
بكيت وبكى ابني (م) معي، وتذكرت معاصي، وذنوبي .. تذكرت الماضي !!
وذهبنا إلى السيارة ، وكنت أبكي ..
فقال ابني (م) بالإشارات المتبادلة بيني وبينه: خلاص يا والدي لا تبكِ .
حضرت إلى منزلي، وبعد لحظات أخبرت زوجتي بأنني قد تبت إلى الله،
وبما حصل بيني وبين ابني (م)، وقلت لها: أسألك بالله هل أنت قلت له هذا؟
فقالت: لا والله، ولكن أحمد الله أن الله أرسل لك ابنك لينقذك مما كنت فيه،
ولــم يرسل لك ملك الموت!!
ففرحت زوجتي، ومنذ ذلك اليوم الجميل، وأنا ولله الحمد لا أفارق
المسجد مع الجماعة، وأصبحت أقرأ القرآن، وأعمل بالسنة.
وأنا سعيد جداً مع زوجتي وأولادي، ولن ارجع إلى الماضي الذي كان مني،
ففي الماضي كنت مهموماً والآن ولله الحمد نعيش في سعادة وهناء."
بعض الفوائد المستنبطة من القصة:
• الله عز وجل يبتلي العباد بشيء يكرهونه ولكن يجعل فيه الخير والصلاح،
ففي القصة، الله عز وجل ابتلى هذا الرجل بالابن المعاق ولكن جعل هداية
هذا الأب على هذا الابن.
• من رحمة الله عز وجل ولطفه، أنه يذكر عباده بسيئاتهم ويهديهم
وينقذهم من النار قبل وفاتهم.
• الذي يعبد الله مجاملة ولا يخلص العمل لله تعالى يكون مهموماً، والذي
يعبد الله عز وجل ويخلص في عمله يجعله سعيداً.أسأل الله القدير أن يتوب علينا جميعا ويوفقنا لكل ما يحبه ويرضاه
• العبادة الحقة الخالصة لله تبعد صاحبها عن السيئات وتنهاه عن الفحشاء
والمنكر، بينما العبادة الغير خالصة لله لا تقبل ولا تنهى صاحبها عن
الفحشاء والمنكر.
--------------------------------------------------------------------------------